دلفت مرَّةً إلى البريد الشَّبَكي بعد انقطاعٍ عنه.. كان دخولي ذاك قُبَيل إخلادي للنوم ببضعِ دقائق، لمحتُ في أعلى البريد أن ثمة رسالة جديدة لم أفتحها، أدرت سهم النزول للأسفل، وما إن أتممتُها عن آخِرها حتى غلى الدم في عروقي
المقالات
- 9 أكتوبر، 2024
- الكل
- تأملات في الحياة
- مسائل ومقولات
- معارف وشخصيات
- مهارات وأدوات
ذكرتُ مرَّةً أن المعنى الذي يتداعى في ذهني عن بدايات طلب المعارف هو"سذاجة التصورات"، فأكثر التصورات التي تنشأ في ذهن الطالب زمن البدايات جالَت فيها يد التعديل عبر رحلته العلمية الطويلة، ولو أخذ يتملَّى الآن تصوراته القديمة حول العلوم والمفاهيم والمسائل
الحب الوافد على القلب هو كالنار الصغيرة التي اشتعلت في الموقد، وحطبُها التواصل وتتبع الأخبار وتقليب الذكريات والركون للأفكار الخيالية والأماني البعيدة والأهواء الحالمة! فمن رام التعافي السريع منه فليقطع عنه هذا "المدد" من الحطب، وليسأل الله بإلحاح صادق واستغاثة خاشعة أن يهوّن عليه الألم "الوقتي" الذي سيشتعل في جوفه حالما تنطفئ هذه النار التي اشتعلت بلا قصد، وحينما تمسي هذا النار رمادًا فسينفخها بكلتا شفتيه وهو يتعجب…
لستُ أهوِّن من شأن الصفات الجينيَّة التي تولَد مع الإنسان، لكنِّي أزعم أن الشخصيات الإنسانية تتأثر بالظروف التي تكابدها تأثُّرًا عظيمًا، تمرُّ عليها عواصف مختلفة تجتال سكينتها، وتغتال ثباتها، وتعيد بناءَها، وترمِّم أجزاءَها، ومن ثَمَّ تحوِّلها إلى شخصياتٍ أخرى تكاد تفارق بها جبلَّتَها الأصليَّة، وتوشك معها أن تبرح طبيعتها الأولى.
من الحقائق الطبيعية أن الجبال لا توجد فرادى، لا يكاد ينشأ الجبل وحدَه في الصحراء المطمئنة، وإنما كثيرًا ما تتعاضد ظروف أرضية مختلفة تنشأ عنها سلسلة من المرتفعات كجبال السروات.
من علامات النبوغ الفقهي لدى طالب العلم وجودُ حاسّةٍ دقيقة لديه حيالَ الألفاظ المستعملة في التعبير عن المعاني المطروقَة.
سمعته في أحد المجالِس محدِّثا عن نفسه حديثًا عَرَضِيًّا لكنه يفسِّر قدرًا كبيرًا من التساؤل الذي ربما يخطر في الأذهان حول قِلَّة نِتاجه في مجال تخصُّصِه رغم وفرة علمه وقوة عارضته وروعة بيانِه.
الإنسان محدود القدرات، محكوم بمؤثرات شتى، لا يوغِل في بابٍ من الأبواب عِلميًّا كان أو عمليًّا إلا على حسابِ أبوابٍ أخرى، شاء ذلك أو أبى، فهو حين يختار الغوص في الأعماق في هذه الناحية.
مزاج الإنسان كثير التشكّل عظيم التحول سريع التقلب، فليس هو صَلصَالا ليِّنًا مِطواعًا يشكِّله بطرف إِبهامه، بل كثيرًا ما يكون المزاج الإنساني قائدًا مستبدًّا وجِدارًا صُلبًا يحولُ بينه وبين بلوغ أمنياته
حينما طُلِبَ مني الكتابة الدورية المستمرة في هذه النشرة الدورية وافقت بعد تردّد، فلم أكن أعلم أن وراء هذه الموافقة موعدًا خاصًّا مع تجربة أثيرة شخصية.
من أمارات العلم النافع حضور العالم ومواكبته لسؤالاتِ عصره، وأنفع المشاريع العلمية ما كانت تلبية لحاجةٍ قائِمة، فحينما راجَت أفكار إلحادية في القرن الماضي ونَفَقَت في بعض البلدان لم يكن من المتوقَّع من شخصٍ دائب النشاط موفور العلم غزير النفع مضطلعٍ بمسؤولياته المعرفية أن يظل نادِبًا في صومعة العلم، منعزلا في أبراج الفِكر، يشكو قلمه من فَرط الجفاف
كان تفكير الشيخ السعدي متجهًا نحو النافع من العلوم، كأنما كان بين قلبه بوصلة دقيقة تنجذب إلى قطب، فبينما يحفر كثير من المشتغلين بالعلم الشرعي في العلوم المتاخمة لعلوم المقاصد
بدأت قصة السعدي مع النبوغ في وقت مبكِّر للغاية، فقد كان يحمل بين جنبيه نَفسًا متطلعة تواقةً للمعارف، وكانت قدراته الذهنية تتجاوز حدود الإمكانيات المعرفية التي تجود بها قريته الصغيرة
في كل كتاب من كتب التراجم والسير للأعلام ثـمَّة تراجم تلمَعُ لموعًا، تشع بين الصحائف كأنها أضواء مدينة من بعيد، توشك أن تلوِّح بكلتا يديها بين السطور
حينما وقف على حافَة المرحلة التي تسمى منتصف العمر، ومع شهوده أفولَ سنوات الشباب الأولى، وبعد مُضِيّه عقدين في طريق طلب العلوم والمعارف.
كان في مستهلِّ هذا القرن الهجري نفرٌ من الشيوخ في شتى البلدان، أقامهم الله تعالى حجة على أهل هذه القرون المتأخِّرة.
كثيرًا من هذه الهيشات العلمية التي تطرقُ مسامعَك ليست نزاعاتٍ علمية محضة، وإنما يقف خلف كثير منها صراعات خفية تتخفّى في مسالك شتى.
طلب الملك عبدالعزيز من الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهما الله أن ينتخبَ له من حلقته اثنينِ ليبعثَ أحدَهما قاضيًا لبلدة المجمعة والآخر قاضيًا للدلم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. فقد سألني أحد الأفاضل عن وجه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -عليه رحمات الله- في مطلع كتاب الاستقامة أن مسائل الفقه معلومة، وليس عامتها من باب الظنون، واستشكل هذا من الشيخ، فأجبته بما يلي:
عامَّة الأشياء التي يصنعها البشر في هذا العالم تسوء تدريجيًّا، تتلون بثوبٍ حالك الأديم، تفتقد شيئا فشيئًا لعناصر الإتقان والبراعة، تتجه بسرعة مع مرور الزمن نحو منحدر الرداءة، لعلك أدمنتَ هذه النبرة الجنائزية الحزينة منذ وعيتَ نفسك.
كثيرٌ من الناس يعيش ألما يوميا حالةَ وصالِه مع الآخرين، وذلك لوجود مسافة بعيدة أو قريبة بين واقعه الحالي وبين ما يطمح إليه في المستقبل.
حتى لو لم يكن هناك عقاب أخروي، فالانهماك في اللذات الجسديَّة -خلافا لما يُتَوَهَّم بادي الرأي- هو أقصرُ طريقٍ للتَّعاسَةِ الرُّوحيَّة،
لا بد من السعي الحثيث نحو تقليص فتحة النافذة الكبيرة التي أشرعتها على العالم الخارجي، والتي أوهمت نفسك مع مرور الأيام أنك لا تستطيع الاستغناء عنها.
القراءة الممتعة هي أكثر ما يبقى ويؤثر في النفس والعقل والروح، وهي أدوم ما يبقى ويرسخ في الذاكرة، وهي التي يسهل استدعاء المعارف المتصلة بها.
خلال الدقائق اليسيرة التي أقطعها بالمشي على السَّير في الأيام الماضية، كنت أستمع في أثنائها إلى بعض الموادّ الصوتية المختلفة للشيخ محمد العثيمين –على قبره رحمات الله-، فبعضها شروح وتعليقات على بعض الكتب والمتون، وبعضها جوابات عن سؤالات واستفتاءات ..
لعلك تلاحظ أن الجملة تغيرت مرارا مع كل علم يضع طرف بنانه على شَباةِ قلمك، وأمست هذه الجملة القصيرة مع تعاضد العلوم مستويةً على سوقها، مسلَّمَةً لا شِيَة فيها.
ثُلَّة من الشباب الصاعد في معارج المعرفة قد جعل بين أنامله وبين الكتابة وحشة ومنافَرة، فتجده يستثقل للغاية جرَّ القلم ومصاحبته في دروب الفهم والتعلُّم.
بوابة القلب لا يلجها مخلوق بشَريٌّ مرّتين، أما القرآن العزيز المنزّل فيدلف بوابة القلب مرةً بعد أخرى ويتوغّل في الأعماق رويدا رويدا حتى ليتوهَّمُ حافظه وتاليه كلَّ مرةٍ
يشيع بين المعاصرين مفهوم: (عليك بالقول دون القائل)، وتُورد أمثال العبارة في سياق المطالبة بالحكم على المقولات بمعزل تامٍّ عن أصحابها وحالِهم وما يتعلَّق بهم، وتُذكر عادةً في سبيل المبالغة في توخي العدل والإنصاف حيال الأفكار والمقولات
رأيت متخصصين في بعض الفنون يشحُّون في الثناء على الكتب التي في أعماق تخصصاتهم، بينما يطالع أحدهم كتابًا أو يسمع مادةً في غير فنِّه