كان الكلام في الهوى العِلمي عبارةً عن إشاراتٍ متناثرة في هوامش التراث، وَمَضات غزالية عميقة، وإشراقات واسطية دقيقة، وتحذيرات جوزية لطيفة، وإضاءات مهمَّة عن السلف الأوائل، لكنها لا تنتظم -في حدِّ علمي- وِفق حضور كثيف، ولا تتسق ضمن إطار رؤية كلية، وإنما تحضر أحيانًا ثم تغيب، وتشرق ثم تخفِت، قطرات تتسرّب ولا تتدفَّق، حتى جاء الجبال الثلاثة ابن تيمية وابن القيم ثم المعلِّمي ففتحوا السدود فجرى الوادي وطَمَّ…
أحدث المقالات
- الكل
- تأملات في الحياة
- مسائل ومقولات
- معارف وشخصيات
- مهارات وأدوات
أكثر ما يؤتى المتميزون ذهنيًّا -في أي مجال- من ظنِّهم دومًا أنهم أكبر من الجوادّ المسلوكة والطرق المعبَّدة والمسالك المشهورة، فيقفزونها قفزًا لما يظنُّونَه أليقَ بقدراتهم وأجدرَ بِطاقاتِهم وأخلقَ بمهاراتهم، فتفوتهم بهذا الظن مكاسبُ جمّة، ولو أنهم سلكوا الطرق المعبدة المذلَّلَة ثم جعلوا امتيازهم على غيرهم من جهة الضبطِ والإتقان والتحرير والتدقيق والتعمق والتجاوز لأدركوا فضلا عظيما!
دلفت مرَّةً إلى البريد الشَّبَكي بعد انقطاعٍ عنه.. كان دخولي ذاك قُبَيل إخلادي للنوم ببضعِ دقائق، لمحتُ في أعلى البريد أن ثمة رسالة جديدة لم أفتحها، أدرت سهم النزول للأسفل، وما إن أتممتُها عن آخِرها حتى غلى الدم في عروقي
ذكرتُ مرَّةً أن المعنى الذي يتداعى في ذهني عن بدايات طلب المعارف هو"سذاجة التصورات"، فأكثر التصورات التي تنشأ في ذهن الطالب زمن البدايات جالَت فيها يد التعديل عبر رحلته العلمية الطويلة، ولو أخذ يتملَّى الآن تصوراته القديمة حول العلوم والمفاهيم والمسائل
الحب الوافد على القلب هو كالنار الصغيرة التي اشتعلت في الموقد، وحطبُها التواصل وتتبع الأخبار وتقليب الذكريات والركون للأفكار الخيالية والأماني البعيدة والأهواء الحالمة! فمن رام التعافي السريع منه فليقطع عنه هذا "المدد" من الحطب، وليسأل الله بإلحاح صادق واستغاثة خاشعة أن يهوّن عليه الألم "الوقتي" الذي سيشتعل في جوفه حالما تنطفئ هذه النار التي اشتعلت بلا قصد، وحينما تمسي هذا النار رمادًا فسينفخها بكلتا شفتيه وهو يتعجب…
لستُ أهوِّن من شأن الصفات الجينيَّة التي تولَد مع الإنسان، لكنِّي أزعم أن الشخصيات الإنسانية تتأثر بالظروف التي تكابدها تأثُّرًا عظيمًا، تمرُّ عليها عواصف مختلفة تجتال سكينتها، وتغتال ثباتها، وتعيد بناءَها، وترمِّم أجزاءَها، ومن ثَمَّ تحوِّلها إلى شخصياتٍ أخرى تكاد تفارق بها جبلَّتَها الأصليَّة، وتوشك معها أن تبرح طبيعتها الأولى.
من الحقائق الطبيعية أن الجبال لا توجد فرادى، لا يكاد ينشأ الجبل وحدَه في الصحراء المطمئنة، وإنما كثيرًا ما تتعاضد ظروف أرضية مختلفة تنشأ عنها سلسلة من المرتفعات كجبال السروات.
من علامات النبوغ الفقهي لدى طالب العلم وجودُ حاسّةٍ دقيقة لديه حيالَ الألفاظ المستعملة في التعبير عن المعاني المطروقَة.
حينما طُلِبَ مني الكتابة الدورية المستمرة في هذه النشرة الدورية وافقت بعد تردّد، فلم أكن أعلم أن وراء هذه الموافقة موعدًا خاصًّا مع تجربة أثيرة شخصية.
من أمارات العلم النافع حضور العالم ومواكبته لسؤالاتِ عصره، وأنفع المشاريع العلمية ما كانت تلبية لحاجةٍ قائِمة، فحينما راجَت أفكار إلحادية في القرن الماضي ونَفَقَت في بعض البلدان لم يكن من المتوقَّع من شخصٍ دائب النشاط موفور العلم غزير النفع مضطلعٍ بمسؤولياته المعرفية أن يظل نادِبًا في صومعة العلم، منعزلا في أبراج الفِكر، يشكو قلمه من فَرط الجفاف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد. فقد سألني أحد الأفاضل عن وجه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية -عليه رحمات الله- في مطلع كتاب الاستقامة أن مسائل الفقه معلومة، وليس عامتها من باب الظنون، واستشكل هذا من الشيخ، فأجبته بما يلي:
القراءة الممتعة هي أكثر ما يبقى ويؤثر في النفس والعقل والروح، وهي أدوم ما يبقى ويرسخ في الذاكرة، وهي التي يسهل استدعاء المعارف المتصلة بها.